شهدت محافظة حضرموت خلال مارس، سلسلة من التطورات السياسية والأمنية والاجتماعية استمرارا لما شهدته المحافظة في أواخر شهر فبراير والتي عكست حالة من التوتر والاستقطاب. بدأت الأحداث بإعلان السلطة المحلية للمحافظة، رفضها إنشاء حلف القبائل فصيلاً مسلحًا خارج مؤسسات الدولة، محذرة من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى صراع أهلي وفوضى أمنية. وفي المقابل، أكد رئيس الحلف، عمرو بن حبريش، على ضرورة أن تكون حضرموت طرفًا مستقلًا بجناحين عسكري وسياسي، متوعدًا بمواجهة أي هيمنة خارجية، وذلك على خلفية احتجاجات في المكلا للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية.
كما أدان حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع التضييق على الصحفيين، بعد استدعاء اثنين منهم من قبل نيابة شرق المكلا؛ بسبب تناولهما الأوضاع المتردية، معتبرين ذلك انتهاكًا لحرية التعبير. وفي نهاية النصف الأول من الشهر أعلنت اللجنة الأمنية أن هجومًا على قوة أمنية في منطقة “الخشعة” يُعد جريمة إرهاب، على إثر نزاع قبلي أدى إلى اشتباكات واحتراق آلية عسكرية، مؤكدة عزمها على ملاحقة الجناة بدعم من رئيس الوزراء أحمد بن مبارك.
تصاعد التوتر مع زيارة عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، للمكلا في 15 مارس، حيث واجه احتجاجات شعبية رافضة لوجوده، مع هتافات تطالبه بالرحيل، خاصةً بعد خطابه الذي اعتبر هجموما على حلف قبائل حضرموت، وحذر من عودة تنظيم القاعدة، في محاولة منه للربط بين التجمع القبلي والعناصر الإرهابية، مما أثار غضبًا واسعًا، إذْ اعتبر الحضارم هذه التصريحات محاولة لتشويه مطالبهم المشروعة. فيما كان رد بن حبريش رئيس الحلف بأن الحلف لن يعترف بمجلس القيادة الرئاسي ما لم تُحقق حقوق حضرموت، مؤكدًا أن أبناء المحافظة هم من واجهوا الإرهاب سابقًا.
وبعد أيام قليلة من زيارة رئيس المجلس الانتقالي لمدينة المكلا بساحل حضرموت، غادر بن حبريش رئيس حلف القبائل إلى السعودية، تلبيةً لدعوة موجهة له من القيادة السعودية؛ لبحث الأوضاع مع المسؤولين هناك، إذْ التقى بوزير الدفاع خالد بن سلمان، وقائد قوات التحالف فهد السلمان، ناقش معهما تمكين أبناء حضرموت من إدارة أمنهم. وفي نهاية الشهر اعتقلت قوة أمنية أركان المنطقة العسكرية الثانية العميد محمد اليميني بعد مداهمة منزله، في خطوة أثارت تساؤلات حول دوافعها، وارتباطها بالصراع الدائر في المحافظة.
شهدت اليمن في مارس تطورات سياسية وعسكرية بارزة، أبرزها دخول تصنيف جماعة الحوثي كـ”منظمة إرهابية أجنبية” حيز التنفيذ من قبل الولايات المتحدة، وهو قرار رحبت به الحكومة اليمنية بشدة. وأعلنت وزارة الخارجية اليمنية أن هذا التصنيف، الذي استند إلى الأمر التنفيذي 14175 الصادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يشكل خطوة حاسمة؛ لمواجهة تهديدات الحوثيين ضد المدنيين والبنية التحتية في اليمن والمنطقة، ولاسيما هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر. وأكدت الحكومة دعمها الكامل لهذا القرار، معتبرة إياه أداة فعالة لتجفيف مصادر تمويل الحوثيين وتسليحهم، داعية المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات مماثلة؛ لتعزيز الاستقرار والسلام في البلاد. كما شددت على استعدادها للتعاون مع الشركاء الدوليين؛ لضمان تنفيذ القرار بما يخدم مصالح الشعب اليمني.
في سياق متصل، ناقش مجلس الأمن الدولي في الأسبوع الأول من مارس التطورات في اليمن، مع التركيز على تداعيات التصنيف الأمريكي. وأعرب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ عن “قلق عميق” إزاء المسار الحالي، محذرًا من مخاطر العودة إلى نزاع شامل. وجدد دعوته للأطراف؛ لضبط النفس، وتجنب التصعيد العسكري، مؤكدًا ضرورة وقف إطلاق نار شامل، وعملية سياسية تضم جميع الأطراف؛ لإنهاء الصراع المستمر منذ عقد. وفي اليوم التالي، طالبت الحكومة اليمنية إيران بوقف تهريب الأسلحة للحوثيين، معتبرة دعم طهران المستمر تهديدًا لأمن المنطقة، وذلك خلال كلمة سفير اليمن في فيينا أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
على صعيد آخر، أثارت تحركات عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، جدلاً واسعًا. فقد قام الزبيدي بجولة في محافظات جنوبية، كالضالع ولحج وأبين وشبوة والمهرة، مصطحبًا مواكب عسكرية. ناشطون ومحللون اعتبروا هذه الزيارات دعائية، تهدف إلى تعزيز نفوذ الانتقالي وسط استياء شعبي من تدهور الأوضاع المعيشية، بينما انتقد آخرون غياب نتائج ملموسة لتحسين الخدمات.
تصاعدت الأحداث في 15 مارس، حين شنت الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع حوثية في صنعاء ومحافظات أخرى، ردًا على تهديدات الجماعة للملاحة الدولية. وأعلن ترامب أن الضربات استهدفت قادة الحوثيين وقواعدهم، فيما ردت الجماعة بوعود بالتصعيد. الحكومة اليمنية حمَّلت الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات، بينما دعت الأمم المتحدة لضبط النفس؛ لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية. هذه التطورات عكست تعقيدات الأزمة اليمنية، إذْ تتداخل الصراعات المحلية مع التدخلات الإقليمية والدولية، وسط تحذيرات من انهيار الأوضاع بشكل كامل.
تشهد محافظات حضرموت تطورات متسارعة في مارس، إذْ تعاني مدينة المكلا في حضرموت من أزمة غاز حادة نتيجة تقطّعٍ قبلي في مأرب، مما رفع أسعار أسطوانات الغاز مطلع الشهر إلى أكثر من 13,000 ريال يمني في السوق السوداء وسط صمت السلطات المحلية. في الوقت نفسه، تصاعدت الاحتجاجات في المحافظة ضد السلطة المحلية للمحافظة، وظهرت انتقادات لتدهور الخدمات والممارسات الأمنية. وعلى صعيد إيجابي، دشنت شركة بترومسيلة وحدة تكرير المازوت، وبدأت ضخ الوقود لمحطات كهرباء ساحل حضرموت، مما يعزز استقرار التيار الكهربائي.
في شبوة، سجل تحسن كبير في التيار الكهربائي خلال رمضان بفضل جهود المحافظ عوض بن الوزير، مع خطط لتشغيل الطاقة الشمسية قريبًا. كما تفقد اللواء عيدروس الزُبيدي مشروع طاقة شمسية بقدرة 53 ميجاوات في عتق، مشيدًا بدعم الإمارات. لكن المحافظة شهدت توترات، إذْ اعتقلت قوات دفاع شبوة الناشط عبدالله الخليفي دون توضيح الأسباب، وأغلقت السلطات محطة غاز مخالفة للتسعيرة في ميفعة. كما أعيد تشغيل رحلات طيران اليمنية من مطار عتق الدولي أسبوعيًا.
أما في المهرة، فقد أفرجت النيابة العامة عن 22 سجينًا مشروطًا ضمن جهود إعادة دمجهم في المجتمع. وفي سقطرى، افتتح وزير النقل ومحافظ المحافظة مطار جزيرة عبدالكوري، وهو إنجاز يربط الجزيرة بالعالم بدعم إماراتي، مع خطط لبناء، وحدة سكنية، ومستشفى، ومدرسة.
على صعيد آخر، يدعم البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن البنية التحتية، إذْ يستفيد 11 مليون شخص من مشروع توسعة طريق العبر، إلى جانب تأهيل طرق داخلية في سقطرى والمهرة ومحافظات أخرى، مما يعزز التنقل والخدمات الأساسية.
شهدت اليمن في مارس بعض التطورات في المجال الاجتماعي. وفي مأرب، افتتحت قرية “قطر الخير” بتمويل قطري لتوفير مأوى لـ55 أسرة نازحة، مزودة بوحدات سكنية ومدرسة ومسجد ووحدة صحية؛ لتحسين حياة المتضررين. على صعيد آخر، أجلت الأمم المتحدة 24 لاجئًا أفريقيًا من القرن الأفريقي طوعيًا، مع دعوة لمزيد من فرص إعادة التوطين للاجئين العالقين في اليمن.
في مجال الصحة، قدمت الكويت منحة بـ2.5 مليون دولار لتزويد 6 مستشفيات يمنية بالطاقة الشمسية، مما يعزز الرعاية الصحية لـ2.5 مليون شخص، بينهم 935 ألف مستفيد مباشر سنويًا. أما مشروع مسام، فواصل جهوده بنجاح، إذْ نزع 1058 لغمًا وعبوة ناسفة خلال أسبوع؛ لحماية المدنيين من مخاطر الألغام الحوثية.
في تعز، تفقد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي المرحلة الثانية من مشروع طريق كسر الحصار (37 كم) بدعم إماراتي؛ لتسهيل التجارة والتنقل وكسر حصار الحوثيين، مع توقعات بتقليص زمن السفر بين عدن وتعز.
شهدت محافظة حضرموت تطورات أمنية وعسكرية بارزة في مارس، إذْ حذَّرت قيادة المنطقة العسكرية الثانية من عقد اجتماعات عسكرية خارج الأطر الرسمية، معتبرة إياها تهديدًا لوحدة قوات النخبة الحضرمية واستقرار المحافظة. وأكدت القيادة التزامها بحماية الأمن ورفض أي تحركات غير قانونية، داعية أبناء حضرموت لدعم مؤسسات الدولة. وفي نهاية النصف الأول من مارس وقع اعتداء إجرامي في منطقة الخشعة، إذْ نصب مسلحون خارجون عن القانون كمينًا لقوة أمنية مدعومة بالجيش أثناء تنفيذ حكم قضائي، ما أدى إلى استشهاد الجندي محمد عبد القادر هادي العامري وإصابة آخرين. واستنكرت اللجنة الأمنية بوادي وصحراء حضرموت هذه الجريمة، مؤكدة أنها لن تمر دون عقاب، ووصفت المقاومة المسلحة للسلطات بـ”الإرهاب”. وشددت على ملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مشيدة بدعم المكونات الاجتماعية والقبلية.
وجه محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي اللجنة الأمنية باتخاذ إجراءات حازمة؛ لاحتواء الأوضاع في الخشعة، مطالبًا بتعزيز الجاهزية الأمنية، وحماية المواطنين والممتلكات. كما أكد رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك دعم الحكومة لهذه الجهود، مشددًا على ضرورة ضبط المعتدين ومنع تكرار مثل هذه التجاوزات. وتعكس هذه الأحداث تصاعد التحديات الأمنية في حضرموت، مع تأكيد السلطات على فرض هيبة الدولة، ومواجهة الخارجين عن القانون بحزم.
أعلنت الولايات المتحدة في منتصف الشهر بدء عملية عسكرية واسعة ضد جماعة الحوثي في اليمن، وذلك في أول تحرك ميداني كبير بعد تصنيف الجماعة “منظمة إرهابية”. وأطلقت القيادة المركزية الأمريكية ضربات جوية دقيقة استهدفت مواقع الحوثيين في صنعاء ومحافظات أخرى، بهدف حماية المصالح الأمريكية واستعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر. والرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد الحوثيين قائلاً: “سيمطر عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل”، محذرًا إيران من مغبة استمرار دعمها للجماعة. وقد شاركت مقاتلات بريطانية في الغارات التي استهدفت رادارات، ودفاعات جوية، وترسانة صواريخ، ومسيرات وسط تقارير عن مقتل قادة حوثيين بارزين.
أفادت جماعة الحوثي بمقتل 51 شخصًا وإصابة أكثر من 100 في 47 غارة على صنعاء وصعدة وحجة وغيرها، بينما أكدت وزارة الصحة التابعة لها مقتل وإصابة 18 مدنيًا في صنعاء وحدها، واصفة الهجمات بـ”جريمة حرب”. وقد تعهَّد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالرَّد والتصعيد، ومهددًا باستهداف حاملات طائرات أمريكية. واستمرت الغارات الأمريكية بوتيرة شبه يومية، إذْ نفذت غارة على صعدة وعمران مستهدفة معاقل الجماعة.
على الصعيد المحلي، شهدت جبهات مأرب وتعز والجوف مواجهات بين الجيش اليمني والحوثيين، أسفرت عن قتلى وجرحى من الطرفين، بينما أعلن الحوثيون مقتل سبعة من عناصرهم في اشتباكات متفرقة خلال مارس. الحكومة اليمنية، بدورها، شددت على رفع جاهزية قواتها؛ لمواجهة التصعيد الحوثي.
دوليًا، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من التصعيد، داعية لضبط النفس، بينما نددت إيران وروسيا وعمان بالغارات، وحذرت الأخيرة من تداعيات النهج العسكري. حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي أعلنوا تضامنهم مع الحوثيين، بينما رفعت إسرائيل جاهزيتها؛ تحسبًا لردود فعل محتملة. الوضع ينذر بمزيد من التوترات الإقليمية والإنسانية في اليمن.
سيطرت عناوين الأخبار في الصحف الأمريكية والدولية بشكل رئيسي على خرق أمني يتعلق بإدارة ترامب، والعمليات العسكرية المستمرة ضد الحوثيين. والقصة الأبرز لهذا الشهر تدور حول تسريب لخطط هجوم أمريكية مفصلة تستهدف الحوثيين.
تسريب دردشة سيغنال، الذي أُبلغ عنه لأول مرة في 24 مارس، كشف تفاصيل عملياتية حساسة حول الضربات الجوية الأمريكية التي نُفذت في 15 مارس. الرسائل المنسوبة إلى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث تضمنت توقيتات دقيقة مثل “1215 بتوقيت الشرق: إطلاق طائرات إف-18 (الحزمة الهجومية الأولى)” و”1536 بدء الضربة الثانية لإف-18 – وأيضًا إطلاق صواريخ توماهوك من البحر”، إلى جانب الإشارة إلى أنواع الطائرات (إف-18، طائرات بدون طيار إم كيو-9) والأهداف في اليمن، خاصة صنعاء. إدراج رئيس صحيفة ذي أتلانتيك في الدردشة، التي ضمت 18 عضوًا بمن فيهم نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، أثار مخاوف فورية بشأن أمن العمليات.
كشفت الصحافة أيضًا الأخطاء الاستراتيجية والدبلوماسية التي تقف وراء هذا التصعيد الأخير. وتشير التقارير إلى أن وقف إطلاق النار في غزة، الذي بدأ في 19 يناير، أوقف هجمات الحوثيين على الشحن لفترة وجيزة، محققًا تعهدهم بالتوقف إذا أنهت إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة. وكشفت دردشة سيغنال عن مناقشات داخلية في الإدارة أعرب نائب الرئيس الأمريكي دي فانس عن تحفظات بشأن توقيت الضربات وتناقضها مع موقف ترامب “أمريكا أولاً”، بينما دفع هيغسيث ووالتز للأمام، رافضين الاعتماد الأوروبي في هذه العمليات. وقللت إدارة ترامب من أهمية الخرق، إذْ أصر مسؤولون مثل السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت، والرئيس دونالد ترامب على أنه لم يتم المساس بمعلومات سرية.
بالإضافة إلى التسريب، ركزت الصحافة أيضًا على السياق الأوسع للاشتباك العسكري الأمريكي في اليمن. في 17 مارس، وصعد ترامب من خطابه معلنًا أن إيران مسؤولة مباشرة عن هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، متوعدًا طهران بـ”عواقب وخيمة”. وبررت الإدارة ضربات 15 مارس كرد على تعطيل الحوثيين لطرق التجارة العالمية، وهي حملة يربطها الحوثيون بدعمهم للفلسطينيين وسط استئناف إسرائيل لحرب الإبادة.
هيمنت تداعيات هذه الأحداث على تغطية مارس، مركزة على الخرق الأمني مع التدقيق المتجدد في سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن. وذكرت الصحافة من خلال منافذ مثل ذي أتلانتيك، الجزيرة، والغارديان تحليلات ومقالات عديدة على مخاطر التسريبات العملياتية، والخسائر البشرية للضربات الجوية، والفشل المستمر في معالجة الصراعات الجذرية في اليمن من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
اضف تعليقا