الكاتب : عبدالله باعبّاد
كيميائي وباحث في الطاقة المستدامة والبيئة
الكاتب : عاصم الخضمي
حاصل على ماجستير في الصحافة من جامعة انقرة وصحفي ومدقق معلومات ومهتم بالسياسة وناشط في بناء السلام
في يوليو من عام 2025م، شهد البحر الأحمر حادثة مروِّعة هزَّت الداخل اليمني، وبعض القوى الإقليميَّة والدوليَّة. لم تهدِّد هذه الحادثة سلامة الملاحة البحريَّة، وركَّاب السفن فحسب، بل شكَّلت خطرًا داهمًا على صحَّة النُّظم البيئيَّة. تمثَّلت الحادثة في إغراق جماعة الحوثي لسفينة شحن تُدعى ماجيك سيز (Magic Seas)، كانت تحمل على متنها ما يقارب الــ 17,000 طن متري من مادَّة نترات الأمونيوم. أثار هذا الحادث مخاوف بيئيَّة، وأمنيَّة، وإداريَّة على المستويين المحلِّي والدولي، ممَّا أعاد إلى الأذهان الذكريات المؤلمة لكوارث مشابهة، مثل: كارثة مدينة تكساس عام 1947م، ومدينة بيروت عام 2020م[1]،[2]،[3]،[4].
إنَّ وجود كميَّة بهذا الحجم في عرض البحر يستلزم وقفة جادَّة من قبل السلطات المختصَّة، واتخاذ إجراءات عمليَّة فوريَّة، تشمل إجراء تحليلات مخبريَّة، ومسوحات ميدانيَّة شاملة. كما يطرح الحادث أسئلة عاجلة تحتاج إلى إجابات، من بينها: هل ذابت هذه الكميَّة الهائلة من نترات الأمونيوم في مياه البحر بالفعل؟ ما هي الظروف المصاحبة لعمليَّة الذوبان، مثل: درجة الملوحة ودرجة الحرارة، وتأثيرها على التفاعلات الكيميائيَّة المحتملة؟ أم أنَّ المادَّة لا تزال داخل حطام السفينة في قاع البحر دون أن تتعرَّض للذوبان؟ وفي حال حدوث الذوبان، ما هو المدى الجغرافي لانتشار هذه المادَّة الكيميائيَّة في مياه البحر بفعل حركة الأمواج، والتَّيَّارات البحريَّة، وقابليتها للذوبان؟[5]
الخصائص الكيميائيَّة، والفيزيائيَّة لنترات الأمونيوم:
تُعدُّ نترات الأمونيوم (Ammonium Nitrate)، والتي يرمز لها كيميائيًّا (NH₄NO₃)، مادَّة صلبة بلوريَّة بيضاء اللون، وتُعرف بكونها عاملًا مؤكسدًا قويًّا. تذوب هذه المادَّة عند درجة حرارة 20°C، وتبدأ في التحلُّل عند حوالي 210°C. يمكن تحضيرها معمليًّا، وصناعيًّا عبر عدَّة تفاعلات كيميائيَّة، منها:
NH₄NO₃ ⇌ NH₃ + HNO₃
NH₄Cl + HNO₃ → NH₄NO₃ + HCl
(NH₄)₂SO₄ + 2HNO₃ → 2NH₄NO₃ + H₂SO₄
(NH₄)₂CO₃ + 2HNO₃ → 2NH₄NO₃ + H₂O + CO₂
وعلى الرغم من استقرارها النسبي تحت الظروف العاديَّة، إلاَّ أنَّ نترات الأمونيوم مادَّة خطرة يمكن أن تتحوَّل إلى مصدر خطر عند تعرُّضها لمؤثِّرات خارجيَّة، مثل: الرطوبة، أو درجة الحرارة، أو التماس مع مواد غير متوافقة كيميائيًّا، كالمواد العضويَّة، وبعض المعادن الثقيلة. يكمن الخطر الرئيس في طبيعتها كمؤكسد قوي، ممَّا يزيد من احتماليَّة حدوث انفجارات، أو أضرار بيئيَّة جسيمة، وهذا ما يستدعي اتخاذ إجراءات تخزين آمنة ودقيقة.[6]
تتنوَّع استخدامات نترات الأمونيوم بين مجالات مفيدة، وأخرى خطرة، فهي تُستخدم في صناعة الأسمدة الزراعيَّة، كما تدخل في تحضير المتفجِّرات للأغراض الصناعيَّة، والتعدينيَّة، وفي تركيب الألعاب الناريَّة. وهذا يجعلها مادَّة ذات طبيعة مزدوجة، يمكن أن تخدم البشريَّة من ناحية، وتهدِّد السلامة، والبيئة من ناحية أخرى.[7]
آلية ذوبان نترات الأمونيوم في الماء النقي:
عندما تذوب نترات الأمونيوم في الماء، تمر العمليَّة بمرحلتين رئيستين:
– الذوبان والتأين: وهي عمليَّة فيزيائيَّة ماصَّة للحرارة، تتفكَّك فيها البلُّورات الصلبة إلى أيوناتها المكوّنة (أيون الأمونيوم NH₄⁺ وأيون النترات NO₃⁻)، ممَّا يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في درجة حرارة المحلول. ويمثِّل التفاعل التالي هذه العمليَّة:[8]
NH₄NO₃(s) → NH₄⁺(aq) + NO₃⁻(aq) ΔH ≈ +25.7 kJ/mol
– التحلُّل المائي: تلي العمليَّة الفيزيائيَّة عمليَّة كيميائيَّة يتمُّ فيها تفاعل هذه الأيونات مع جزيئات الماء (H₂O). أيون الأمونيوم (NH₄⁺) عبارة عن حمض مترافق لقاعدة الأمونيا (NH₃) الضعيفة، يمكن لأيون الأمونيوم (NH₄⁺) منح بروتون واحد (⁺H) لجزيء الماء (H₂O). وعلى العكس، فأيون النترات (NO₃⁻) عبارة عن قاعدة مترافقة لحمض النيتريك (HNO₃) القوي، لا يميل أيون النترات (NO₃⁻) لكسب بروتون (⁺H) من جزيء الماء (H₂O)؛ ويرجع سبب ذلك أنَّ قيمة (Kb) صغيرة جدًّا لدرجة أنَّه يمكن تجاهل تحلُّل النترات. يمكن توضيح تفاعل كل من أيون الأمونيوم (NH₄⁺)، وأيون النترات (NO₃⁻) مع جزيئات الماء (H₂O)، وبيان قيمة (Ka)، وقيمة (Kb) في التفاعلين التاليين:[9]
NH₄⁺(aq) + H₂O(l) ⇌ NH₃(aq) + H₃O⁺(aq) Ka ≈ 5.6 × 10⁻¹⁰
NO₃⁻(aq) + H₂O(l) ⇌ HNO₃(aq) + OH⁻(aq) Kb ≈ 10⁻¹⁵
سلوك نترات الأمونيوم في بيئة مياه البحر:
تختلف بيئة مياه البحر الكيميائيَّة، والتي تتَّصف بأنَّها أكثر تعقيدًا من الماء النقي؛ نظرًا لاحتوائها على مزيج واسع من الأيونات الذائبة، والعناصر المعدنية، ممَّا يؤثِّر على سلوك نترات الأمونيوم عند ذوبانها. تتميَّز مياه البحر بكونها بيئة قلويَّة نسبيًّا (الرقم الهيدروجيني ≈ 8.1)، وترتفع فيه الملوحة، والقوة الأيونيَّة؛ بسبب وجود تراكيز عالية من أيونات، مثل: الصوديوم (Na⁺)، والكلوريد (Cl⁻)، والمغنيسيوم (Mg²⁺)، والكبريتات (SO₄²⁻)، وغيرها.[10]
يحافظ نظام الكربونات المتوازن (CO₂–HCO₃⁻–CO₃²⁻) في مياه البحر على استقرار الرقم الهيدروجيني (pH)، ممَّا يعاكس التأثير الحمضي الطفيف الناتج عن تحلُّل أيونات الأمونيوم، وتكوين أيونات الهيدرونيوم (H₃O⁺). عند الرقم الهيدروجيني المميّز لمياه البحر (8.1) عند درجة حرارة 25°C، يتوزع الأمونيا-النيتروجين بشكل رئيس على شكل أيون أمونيوم (NH₄⁺) بنسبة 93%، بينما تكون نسبة الأمونيا غير المؤيّنة (NH₃) حوالي 7%؛ إذْ تشكِّل الأمونيا غير المؤيّنة (NH₃) الأيونات الأكثر سُمِّيَّة على البيئة، والكائنات البحريَّة، وتزداد نسبة سُمِّيَّتها مع الرقم الهيدروجيني. يمكن حساب هذه النسب من خلال استخدام معادلة هندرسون-هاسلباخ:[11]،[12]
pH = pKa + log([NH₃]/[NH₄⁺])
8.1 = 9.25 + log([NH₃]/[NH₄⁺])
log([NH₃]/[NH₄⁺]) = -1.15
[NH₃]/[NH₄⁺] = 0.071
يجب الإشارة إلى أنَّ الخصائص الفريدة لمياه البحر لا تغيِّر الآليَّة الأساسيَّة لذوبان نترات الأمونيوم بشكل جوهري، ولكنَّها تؤثِّر على تفاصيل التوازنات الكيميائيَّة والذوبانيَّة الفعليَّة؛ ممَّا يستدعي دراسة مخصَّصة لتقييم الأثر البيئي بدقَّة.[13]
الآثار البيئيَّة: بين السُّمِّيَّة والتخثُّث:
يُعدُّ حدوث التغذية المفرطة، أو التخثُّث (Eutrophication) من أبرز الآثار البيئيَّة المباشرة، والمتوقعة لدخول كميَّة هائلة من نترات الأمونيوم (NH₄NO₃) إلى مياه البحر. فبالرغم من شيوع هذه الظاهرة في البيئات المغلقة كالبحيرات، إلاَّ أنَّ إطلاق كمِّيَّات ضخمة من المغذِّيات في بيئة بحريَّة مفتوحة كالبحر الأحمر قد يُحدث اضطرابًا كبيرًا في التوازن البيئي، وزيادة غير طبيعيَّة في نمو الطحالب.[14]،[15]
تتمثَّل العمليَّة في إثراء الماء بمركَّبات النيتروجين (على شكل أيونات الأمونيوم NH₄⁺ أو النترات NO₃⁻)، ممَّا يحفِّز نموًّا مفرطًا للطحالب، والكائنات النباتيَّة المائيَّة. وعندما تموت هذه الكتلة الحيويَّة وتتحلَّل، تستهلك كمِّيات هائلة من الأكسجِّين المذاب أثناء عمليَّة التحلُّل، ممَّا يؤدِّي إلى نقص حادٍّ فيه، وتشكيل مناطق ميِّتة تختنق فيها الكائنات الهوائيَّة، كالأسماك، واللافقاريات، وخاصة القاعيَّة منها.[16]
بالتوازي مع ظاهرة التخثُّث، تُشكِّل التركيزات العالية من الأمونيا/الأمونيوم تهديدًا سامًّا مباشرًا للحياة البحريَّة. وتكمن الخطورة بشكل خاص في المراحل المبكِّرة من حياة الكائنات؛ إذْ قد تتسبَّب تركيزات منخفضة تصل إلى 0.226 ملغ/لتر من نيتروجين النترات (NO₃-N) في نفوق يرقات الأسماك، والروبيان، بينما تتحمَّل الكائنات البالغة تركيزات أعلى. تزداد السُّمِّيَّة مع ارتفاع تركيز أيونات الأمونيا، والأمونيوم، وطول فترة التعرُّض لهذه الأيونات، بينما تقل مع زيادة ملوحة الماء.[17]،[18]
لا تقتصر الآثار على ذلك، بل يؤدِّي التخثُّث إلى إضعاف التَّنوُّع البيولوجي من خلال تفضيل أنواع محدودة من الطحالب سريعة النمو، وقليلة التَّنوُّع على حساب المجتمعات البيئيَّة المعقَّدة، والمتنوِّعة. كما قد يؤدِّي إلى ازدهار الطحالب الضارَّة، مثل: (HABs) التي تنتج سمومًا قويَّة تتراكم في الأنسجة الحيَّة عبر السلسلة الغذائيَّة؛ ممَّا يعطِّل ديناميكيَّات المفترس والفريسة، ويؤدِّي إلى انهيار المخزون السمكي وتدهور النظم البيئيَّة.[19]،[20]
تشير الدراسات أنَّه يمكن للكائنات البحريَّة أن تختنق، فعند انخفاض مستوى الأكسجِّين المذاب، تحاول الأسماك التعويض بزيادة معدَّل مرور الماء عبر الخياشيم لامتصاص أكبر كميَّة ممكنة منه. لكن هذه الآليَّة التعويضيَّة لها حدودها، ومع استمرار انخفاض الأكسجِّين، يدخل الكائن في حالة إجهاد تنفُّسي تدريجي، يتدهور معه أداؤه الحركي، والأيضي؛ لينتهي بالاختناق إذا تجاوز النقص حدَّه الحرج.[21]
هناك تأثير مزدوج مميت؛ إذْ تتفاقم المشكلة في الظروف اللاهوائيَّة (انعدام الأكسجِّين) مع إنتاج كبريتيد الهيدروجين (H₂S) من خلال اختزال الكبريتات في الرواسب. ولا يقتصر دور هذا المركَّب على كونه مؤشِّرًا على تدهور جودة المياه، بل هو سمٌّ أيضيٌّ فعَّال.[22]
حتى مع وجود كمِّيَّات ضئيلة من الأكسجِّين في الماء، فإنَّ تعرُّض الكائنات الحيَّة لكبريتيد الهيدروجين (H₂S) يؤدِّي إلى تعطيل قدرة خلاياها على استخدام الأكسجِّين بفاعليَّة. وبهذا، تواجه الكائنات هجومًا مزدوجًا: الأوَّل يتمثَّل في إجهاد تنفُّسي خارجي ناتج عن نقص الأكسجِّين في البيئة، والثاني يتمثَّل في تسمُّم تنفُّسي داخلي سببه تأثير كبريتيد الهيدروجين على العمليَّات الخلويَّة، وهو ما يفسِّر ارتفاع سمِّيته حتى عند تراكيز منخفضة جدًا.[23]،[24]
تمثِّل هذه العمليَّة برمتها جوهر ظاهرة التخثُّث، بدءًا من الإثراء بالمغذيَّات، مرورًا بازدهار الطحالب، ثمَّ استنفاد الأكسجِّين، وانتهاءً بتكوُّن السموم في بيئة لاهوائيَّة. وهذا المصطلح، الذي يعني حرفيًّا التغذية الجيِّدة، يحمل في طيَّاته مفارقة مريرة؛ إذْ يتحوَّل الإثراء المغذِّي إلى عمليَّة منهكة تستهلك النظام البيئي، محوِّلة بيئة بحريَّة غنيَّة إلى مناطق قاحلة، وحقول مسمومة.
التأثيرات الممتدَّة: من البيئة إلى صحَّة الإنسان والاقتصاد:
لا تقتصر آثار التلوُّث على النظم البيئيَّة البحريَّة فحسب، بل تمتدُّ بطريقة غير مباشرة لتشكِّل تهديدًا مباشرًا لصحَّة الإنسان، واستقرار المجتمعات الساحليَّة، من خلال محورين رئيسين: تلوُّث مصادر مياه الشرب، وتلوُّث المأكولات البحريَّة.
المحور الأوَّل: تلوُّث مياه الشرب، وتهديد حياة الأطفال؛ تشكِّل النترات (NO₃⁻) التي تتسرَّب إلى المياه الجوفيَّة، والينابيع خطرًا محدقًا على صحَّة الرضُّع بشكل خاص. ففي أمعاء الرضيع، تتحوَّل النترات إلى نتريت (NO₂⁻) بفعل البكتيريا. يرتبط النتريت بالهيموغلوبين في الدم مؤكسدًا الحديد من Fe²⁺ إلى Fe³⁺، ليُشكِّل ميثيموغلوبين عاجزًا عن حمل الأكسجِّين. وتظهر أعراض هذه الحالة، المعروفة بـمتلازمة الطفل الأزرق، على شكل زرقة في الجلد، ونقص حاد في الأكسجِّين بالأنسجة، قد يتطوَّر إلى نوبات، وغيبوبة، وربَّما الوفاة؛ ولذلك، تفرض المعايير الصحيَّة حدودًا قصوى لتركيز النترات (NO₃⁻) في مياه الشرب (كحد 10 ملغم/لتر) لحماية فئة الرضَّع الأكثر عرضة للخطر.[25]،[26]،[27]،[28]،[29]
المحور الثَّاني: تراكم السموم في السلسلة الغذائيَّة؛ يؤُدي ازدهار الطحالب الضارَّة إلى إنتاج مجموعة من السموم العصبيَّة، والكبديَّة الخطرة؛ فتتراكم في الكائنات البحريَّة – وخاصَّة المحار، والأسماك التي تتغذَّى بالترشيح – قبل أن تصل إلى الإنسان مسبِّبة أمراضًا حادَّة، ومزمنة. ومن أبرز هذه السموم: Saxitoxins (سموم المحار الشلليَّة): تسبِّب أعراضًا تبدأ بوخز حول الفم، وقد تتطوَّر إلى شلل في العضلات التنفُّسيَّة والوفاة. Domoic acid (تسمّم المحار الفقداني للذاكرة): يؤدِّي إلى أعراض معَويَّة تليها إصابة دماغيَّة قد تسبِّب فقدانًا دائمًا للذاكرة. Brevetoxins (مد الأحمر): تسبِّب أعراضًا عصبيَّة، وهضميَّة، مع تأثيرات محتملة على القلب، والأوعية الدمويَّة. Ciguatoxins (تسمُّم أسماك الشعاب المرجانيَّة)، و microcystins (سموم البكتيريا الزرقاء).[30]،[31]
تنتج عن هذه الآثار الصحيَّة سلسلة من التبعات الاقتصاديَّة، والاجتماعيَّة الجسيمة، تشمل: إغلاق أحواض المحار، ومصائد الأسماك، وانهيار قطاع السياحة البحريَّة، ونشاط الصيد، وتفاقم الأعباء الماليَّة على أنظمة الرعايَّة الصحيَّة لمواجهة حالات التسمُّم الحادَّة، والمزمنة، وتهديد الأمن الغذائي للمجتمعات التي تعتمد على البحر مصدرًا رئيسًا للغذاء. ونظرًا لأنَّ معظم هذه السموم لا يوجد لها ترياق محدَّد، وتقتصر المعالجة على الرعاية الداعمة، فإنَّ إستراتيجيَّة المواجهة الفعَّالة تتركَّز على الوقاية، من خلال تعزيز برامج الرصد المبكر لجودة المياه، ومراقبة تركيز السموم في المأكولات البحريَّة، وتطبيق إجراءات تنظيميَّة صارمة، كإغلاق مناطق الصيد عند الحاجة.
من تكساس إلى بيروت وصولًا إلى اليمن:
تُشكِّل الكوارث التاريخيَّة، مثل انفجار تكساس عام 1947م، وانفجار بيروت عام 2020م، نماذج مأساويَّة تُذكِّرنا بالقدرة التدميريَّة الهائلة لنترات الأمونيوم (NH₄NO₃) عند إهمال بروتوكولات السلامة. وتقدِّم هذه الأحداث إطارًا مرجعيًّا حاسمًا؛ لتقييم المخاطر المحتملة التي تثيرها حادثة إغراق سفينة ماجيك سيز (Magic Seas) في البحر الأحمر.
ففي السادس عشر من أبريل 1947م، اندلع حريق على متن سفينة الشحن (SS Grandcamp) التي كانت محمَّلة بنحو 2,300 طن من نترات الأمونيوم. أدَّى هذا الحريق إلى انفجار هائل شعر به السكان على بعد 240 كيلومتر. وكان للحادث تبعات متسلسلة؛ إذْ تسبَّب الانفجار الأوَّلي في اشتعال سفينة مجاورة (High Flyer) كانت تحمل هي الأخرى نترات الأمونيوم، ممَّا أدَّى إلى انفجارات ثانويَّة. خلّفت الكارثة موجة تسونامي محليَّة، ودمارًا شاملًا للميناء والمدينة، وأسفرت عن مقتل 500 شخص على الأقل، وإصابة الآلاف، وتدمير المئات من المباني، إلى جانب خسائر اقتصاديَّة جسيمة.[32]،[33]
وفي الرابع من أغسطس 2020م، شهدت بيروت كارثة مماثلة أخرى؛ إذْ أدَّى حريق ناجم إلى انفجار حوالي 2,750 طن من نترات أمونيوم كانت مخزَّنة بشكل غير آمن في مستودع لمدَّة سنوات. يُصنَّف هذا الانفجار كواحد من أكبر الانفجارات غير النوويَّة في التاريخ الحديث؛ إذْ قُدِّرت قوته بما يعادل 1.1 كيلوطن من مادَّة TNT. نتج عن الانفجار حفرة هائلة، وموجات صدمة مدمرة، وموجات زلزاليَّة؛ تسببت في مقتل 218 شخصًا على الأقل، وإصابة أكثر من 7000، وتشريد حوالي 300,000 شخص، مع خسائر ماديَّة تقدَّر بنحو 15 مليار دولار.[34]،[35]
في مقابل هاتين الكارثتين، تبرز حادثة سفينة ماجيك سيز (Magic Seas) من حيث الحجم الهائل للمادَّة الكيميائيَّة المتضمَّنة. فكميَّة نترات الأمونيوم التي كانت على متن سفينة ماجيك سيز تُقدَّر بـ 17,000 طن متري، وهو ما يعادل حوالي 7.4 ضعف الكميَّة التي انفجرت في تكساس، وحوالي 6.2 ضعف الكميَّة التي انفجرت في بيروت. هذه المقارنة المروِّعة تُعزِّز بشكل كبير حجم المخاوف المتعلِّقة بالآثار البيئيَّة المحتملة التي نوقشت سابقًا، لا سيما وأنَّ مصير هذه الكميَّة الهائلة في بيئة بحريَّة حسَّاسة مثل البحر الأحمر لا يزال مجهولًا.
من المسؤول؟ الحوكمة والمساءلة الدوليَّة والإقليميَّة والمحليَّة في اليمن:
منذ أواخر 2023م، شنَّت جماعة الحوثي سلسلة من الهجمات استهدفت السفن التجاريَّة، والعسكريَّة العابرة للبحر الأحمر، غالبًا بزعم أنَّها سفن مرتبطة بإسرائيل، أو بدول داعمة لها.[36] وردًا على ذلك، قادت الولايات المتحدة، وبريطانيا تحالفًا عسكريًّا أُطلق عليه عمليَّة “Prosperity Guardian”؛ لحماية حركة الملاحة البحريَّة في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب من الهجمات الحوثيَّة.[37] فيما مجلس الأمن تبنَّى القرار (2722) الذي يدعو إلى وقف هجمات الحوثيِّين على السفن، ويقرُّ بحق الدول في الدفاع عن نفسها إذا تعرَّضت لهجمات.[38]
يتحمَّل الحوثيِّين تبعات استهداف السفن المدنيَّة، والأضرار التي تتعرَّض لها البيئة البحريَّة من حمولات تلك السفن؛ كون القانون الدولي يجرِّم استهداف السفن المدنيَّة في الصراعات والحروب، ويتوجب على العالم الضغط على إيران؛ لوقف دعمها للحوثيين، ومنعهم من استهداف السفن المدنية في البحار، وتتحمَّل إيران المسؤوليَّة القانونيَّة في استهداف السفن المدنيَّة في البحر الأحمر؛ كونها الداعم الأكبر للحوثيين، ويتوجَّب القيام باتخاذ إجراءات فوريَّة للحدِّ من تلوُّث البيئة البحريَّة من السفن.
ووفقًا لـ “دليل سان ريمو لعام 1994م بشأن القانون الدولي المطبَّق في النزاعات المسلَّحة في البحار”، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنَّه يعكس قوانين الحرب العرفيَّة، يحضر بصرامة الهجمات بالأهداف العسكريَّة، وأنَّ السفن التجاريَّة هي أعيان مدنيَّة لا يجوز مهاجمتها ما لم تشارك في أعمال عسكريَّة عدائيَّة لصالح العدو، أو تنقل قوَّات أو مواد عسكريَّة، أو تشكِّل تهديدًا مباشرًا للسفينة المهاجمة، وجميع السفن التي تشارك في مهمَّات إنسانيَّة لا يجوز مهاجمتها.[39]
ووفقا لمنظَّمة هيومن رايتس ووتش فإنَّ الحوثيِّين انتهكوا قوانين الحرب السارية على النزاع المسلَّح بينهم وبين إسرائيل، وهاجمت قوَّات الحوثيِّين عمدًا سفنًا تجاريَّة يمكن تمييزها بوضوح على أنَّها مدنية، ولم تكن تشارك في أعمال عدائيَّة، ولم تشكِّل أيَّ تهديدٍ عسكريٍّ لقوَّات الحوثيِّين، وتشير المنظَّمة إلى إنَّه يُحظر أيضًا احتجاز أفراد الطاقم الذين تمَّ إنقاذهم، وأنَّ القادة الذين يأمرون عمدًا بهذه الهجمات غير المشروعة أو ينفِّذونها، أو يسيئون معاملة المحتجزين، أو يتحمَّلون المسؤوليَّة بموجب مسؤوليَّة القيادة مسؤولون عن جرائم حرب.[40]
قالت هيومن رايتس ووتش: إنَّ الهجمات تُشكِّل تهديدات بيئيَّة طويلة الأمد للمنطقة. قال ويم زوينينبورغ، محلِّل في منظَّمة “باكس” الهولنديَّة غير الحكوميَّة: إنَّ صور الأقمار الصناعيَّة تظهر بقعًا نفطيَّة كبيرة تنساب من المناطق التي غرقت فيها سفينتان. مضيفًا “إنَّ بقع النفط تهدِّد الحياة البريَّة في بيرا إيزولي، وهي محميَّة طبيعيَّة على ساحل إريتريا، وموطن لمجتمع صيد. قال: إنَّ باكس رصدت أيضًا، حتى 22 يوليو/تموز، “بقعًا نفطيَّة تنجرف إلى شواطئ مجتمع الصيد الصغير في إيدي”.[41]
عند وقوع تسرب كيميائي، أو نفطي إلى البحر، توجد مجموعة من البروتوكولات، والاتفاقيات الدوليَّة التي تنظّم الاستجابة السريعة، والحد من الأضرار البيئيَّة، وتلزم الدول باتباع إجراءات محدَّدة للتعامل مع الكارثة، ومن أبرز هذه الاتفاقيَّات اتفاقيَّة ماربول (MARPOL 73/78): التي تُعدُّ الإطار الدولي الأهم لمنع التلوُّث من السفن، وتنص على وجوب إعداد خطط وطنيَّة للطوارئ البحريَّة، وإنشاء مراكز اتصال دائمة للإبلاغ عن أيِّ تسرّب، وتوفير معدَّات احتواء، ومعالجة في الموانئ وفقًا للخبير الجيولوجي، واستشاري تنمية الموارد الطبيعيَّة الدكتور عبدالغني جغمان.[42]
تُلزم اتفاقيَّة الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS 1982) الدول باتخاذ جميع التدابير الممكنة؛ لمنع التلوُّث، وحماية البيئة البحريَّة، كما تتيح تحميل الجهات المسبِّبة للتلوُّث المسؤوليَّة القانونيَّة عن الأضرار الناتجة، وللتعامل مع أيِّ تلوُّث بحري في المياه الإقليميَّة اليمنيَّة يجب أنْ يتمَّ في إطار تطبيق البروتوكولات الدوليَّة، والإقليميَّة التي وقَّعت عليها اليمن، مع التنسيق بين الجهات المحليَّة المختصَّة، ومن أبرز الجهات المعنيَّة، والمسؤولة للتعامل مع الكارثة هي الهيئة العامَّة لحماية البيئة، ووزارة الثروة السمكيَّة، وهيئاتها، وإدارة الموانئ، والسلطات المحليَّة وفقًا جغمان.[43]
إحصائيات: السفن المستهدفة في البحر الأحمر من قبل الحوثي، ونوع حمولتها:[44]،[45]،[46]،[47]،[48]
وفقًا لإحصائيَّة في بداية يوليو فإنَّ عدد الاعتداءات المعلنة على السفن التجاريَّة، وناقلات النفط من قبل الجماعة المدعومة من إيران وصلت إلى نحو 188 هجومًا منذ 19 نوفمبر 2023م. وفي هذه المقالة نستعرض بعض السفن التي استهدفها الحوثيُّون، وماذا كانت تحمل نفط، أم حاويات.
في يوليو 2025م غرقت سفينة ماجيك سيز في البحر الأحمر، بعد تعرُّضها لهجوم مزدوج نفذه الحوثيُّون، بعد نحو سبعة أشهر من توقُّف الحوثيِّين عن استهداف السفن، وفقًا للمصادر المفتوحة الخاصَّة بتتبُّع السفن، فإنَّ “ماجيك سيز” (MAGIC SEAS) هي سفينة تجاريَّة متخصِّصة في نقل البضائع السائبة، وغرقت سفينة الأسمدة البريطانيَّة “روبيمار”، التي غرقت في مارس 2024م، ولاحقًا غرقت ناقلة الفحم اليونانيَّة “توتور” في يونيو من ذات العام.
في ديسمبر 2024م قال الحوثيُّون إنَّهم نفَّذوا عمليَّةً عسكريَّةً، استهدفتْ سفينةَ (Santa Ursula) في البحرِ العربيِّ شرقَ جزيرةِ سقطرى بعددٍ من الطائراتِ المسيَّرة وكانتِ الإصابةُ مباشرة، وهي سفينة مخصَّصة لنقل الحاويات، وفي ديسمبر 2024م أعلن الحوثيُّون عن استهداف ثلاث سفن تجاريَّة Stena impeccable (ناقلة نفط)، والسفينة Maersk Saratoga (ناقلة بضائع)، والسفينة Liberty Grace (ناقلة بضائع)، بعدد من الصواريخ البالستيَّة، والطائرات المسيَّرة في البحر العربي، وخليج عدن.
في نوفمبر 2024م أعلن الحوثيُّون عن استهداف السفينة Anadolu S في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ الباليستيَّة، والبحريَّة “المناسبة”، وهي سفينة تنقل البضائع السائبة، وفي أكتوبر 2024م أعلن الحوثيُّون عن استهداف ثلاث سفن تجاريَّة؛ هما: “SC MONTREAL”، و”MAERSK KOWLOON” في البحر العربي، و”MOTARO” في البحرِ الأحمرِ، وهي سفن لنقل حاويات.
في أكتوبر 2024م أعلن الحوثيُّون استهداف سفينةِ “MEGALOPOLIS ” في البحر العربي، وهي سفينة نقل حاويات، وفي أكتوبر 2024م الحوثيُّون يعلنون عن استهداف سفينتين تجاريتين؛ هما: (OLYMPIC SPIRIT) النفطيَّة الأمريكيَّة في البحر الأحمر، وسفينة ST.JOHN في المحيط الهندي، وهي سفينة نقل حاويات.
في أكتوبر 2024م الحوثيُّون يعلنون عن استهداف السفينة “CORDELIA MOON” النفطيَّة البريطانيَّة في البحر الأحمر، وسفينة نقل الحاويات “MARATHOPOLIS” في المحيط الهندي، وفي سبتمبر 2024م الحوثيُّون يعلنون استهداف سفينة “BLUE LAGOON I” في البحر الأحمر، وهي ناقلة نفط، وفي أغسطس 2024م أعلن الحوثيُّون استهدافهم سفينة نقل الحاويات (GROTON) في خليج عدن.
في أغسطس 2024م أعلن الحوثيُّون عن استهدافهم لسفينتين تجاريتين؛ هما: السفينة “SOUNION” النفطيَّة أثناء عبورها البحر الأحمر، والسفينة (Sw North Wind I) أثناء مرورها في خليج عدن، وهي سفينة لنقل البضائع السائبة، وفي أغسطس 2024م هيئة عمليات التجارة البحريَّة البريطانيَّة تقول: إنَّ ناقلة المنتجات النفطيَّة (سونيون) التي ترفع علم اليونان جنحت في البحر الأحمر، بعد هجمات متكرِّرة تسبَّبت في حريق على متنها، وفقدانها القدرة على الإبحار.
في أغسطس 2024م الحوثيُّون يعلنون تنفيذ ثلاث عمليَّات عسكريَّة ضد السفينة التجاريَّة التي تنقل الحاويات (Contship Ono) في البحر الأحمر، والعمليتين الثانية، والثالثة استهدفت فيهما المدمِّرتين الأمريكيتين “كول” و”لابون” أثناء عبورهما منطقة العمليَّات في خليج عدن. وفي أغسطس2024م أعلن الحوثيُّون استهداف السفينة “غرنتو” بعدد من الصواريخ الباليستيَّة، وهي سفينة لنقل الحاويات.
في يوليو 2024م أعلن الحوثيُّون استهداف السفينة (Pumba) الأمريكيَّة في البحرِ الأحمر، وهي سفينة نقل حاويات، وفي يوليو 2024م أعلن الحوثيُّون استهداف سفينة (Lobivia) بعدد من الصواريخ الباليستيَّة، والطائرات المسيَّرة في خليج عدن، وهي سفينة نقل حاويات، وفي يوليو 2024م الحوثيُّون يعلنون استهداف ثلاث سفن تجاريَّة في البحرين الأحمر، والأبيض المتوسِّط؛ وهنَّ: السفينة ” BENTLEY I “، وهي تنقل النفط، والمواد الكيميائيَّة في البحر الأحمر، والسفينة “CHIOS Lion” النفطيَّة في البحر الأحمر، والسفينة (Olvia) في البحر الأبيض المتوسِّط، وهي ناقلة نفط خام.
في يوليو 2024م أعلن الحوثيُّون استهداف السفينة التجاريَّة (MSC UNIFIC) في خليج عدن، بعدد من الصواريخ الباليستيَّة، والطائرات المسيَّرة، وهي سفينة لنقل الحاويات، وفي يوليو 2024م أعلن الحوثيُّون استهدافهم السفينة التجاريَّة (Charysalis) في البحرِ الأحمرِ، وبابِ المندب، وهي ناقلة نفط خام، وفي يوليو 2024م أعلن الحوثيُّون استهداف ثلاث سفن تجاريَّة في البحر العربي، وخليج عدن، منها السفينة “سنتوسا”، وهي لنقل الحاويات، وتابعة لشركة “ميرسك”، في بحر العرب.
ختامًا لا يمكن اعتبار حادثة تفجير سفينة ماجيك سيز (Magic Seas) مجرَّد حدث إخباري عابر؛ بل هي تحدٍ جسيمٍ، واختبارٍ حقيقيٍّ للقدرة على المواجهة، لا سيما للدول الساحليَّة، والعالم الثالث التي تتحمَّل وطأة الكوارث بشكل أكبر. تضعنا هذه الحادثة أمام مسؤوليَّة التصرُّف بحكمة في مواجهة مخاطر متشابكة؛ بيئيَّة تهدِّد ثرواتنا البحريَّة، وصحيَّة تعرِّض مجتمعاتنا للخطر، وأمنيَّة تزيد من هشاشة المنطقة.
تُجسِّد نترات الأمونيوم ( NH₄NO₃ ) هذه المفارقة بوضوح : فهي مادَّة ذات قيمة زراعيَّة حقيقيَّة، لكنَّها تتحوَّل في لحظة كرمشة العين إلى تهديد وجودي عندما تتمُّ إدارتها، أو نقلها، أو استهدافها بطريقة غير مسؤولة؛ فيفرض علينا الواقع درسًا لا مفرَّ منه، وهو أنَّ الوقاية، والجاهزيَّة، وإرساء حوكمة شفَّافة للمواد الخطرة ليست رفاهيَّة، بل هي خط الدفاع الأوَّل الذي لا يقل أهميَّة عن أيِّ استجابة أثناء الطوارئ.
بيد أنَّ الطبيعة المزدوجة لنترات الأمونيوم، وقيمتها التفجيريَّة المحتملة، تثير تساؤلًا خطيرًا ومُلحًّا حول مصير هذه الكميَّات الهائلة في حادثة تفجير سفينة ماجيك سيز: هل تمَّ فعلًا إغراق هذه الكميَّة مع حطام السفينة في قاع البحر؟ أمَّ أنَّ ثمَّة سيناريوهات أخرى، أكثر تعقيدًا، تقف وراء هذه الحادثة؟ هذا التساؤل يظلُّ معلَّقًا، مشيرًا إلى فجوة حرجة في الشفافيَّة، والمحاسبة، ومذكِّرًا بأنَّ الغموض الذي يحيط بالحادثة قد يكون في حدِّ ذاته مصدرًا إضافيًّا للتهديد.
[1] https://doi.org/10.1002/prs.12203
[2] https://www.hrw.org/report/2021/08/03/they-killed-us-inside/investigation-august-4-beirut-blast
[3] https://edu.rsc.org/feature/beirut-explosion/4012636.article
[4] https://bit.ly/3LskUYZ
[5] https://www.trtarabi.com/article/3741ccc0994f
[6] https://helda.helsinki.fi/items/4c842f9f-386b-44c1-a5cb-beb4c781d8cd
[7] https://helda.helsinki.fi/items/4c842f9f-386b-44c1-a5cb-beb4c781d8cd
[8] https://doi.org/10.1038/s41467-018-03363-0
[9] https://doi.org/10.1038/s41467-018-03363-0
[10] https://doi.org/10.1016/S1546-5098(01)20005-3
[11] https://doi.org/10.1038/s41467-018-03553-w
[12] https://doi.org/10.1007/BF02804901
[13] https://doi.org/10.1038/s41467-018-03553-w
[14] https://doi.org/10.1038/s41467-018-03363-0
[15] https://doi.org/10.1016/j.hal.2008.08.006
[16] https://doi.org/10.1016/j.hal.2008.08.006
[17] https://doi.org/10.1016/j.hal.2008.08.006
[18] https://doi.org/10.1016/S0025-326X(02)00227-8
[19] https://doi.org/10.1016/j.hal.2008.08.006
[20] https://doi.org/10.1002/wat2.1373
[21] https://doi.org/10.1002/wat2.1373
[22] https://doi.org/10.1016/j.hal.2008.08.006
[23] https://doi.org/10.1002/wat2.1373
[24] https://doi.org/10.1016/j.hal.2008.08.006
[25] https://www.health.state.mn.us/communities/environment/water/contaminants/nitrate.html
[26] https://www.epa.gov/wqc/aquatic-life-criteria-ammonia
[27] https://www.who.int/publications/i/item/9789241549950
[28] https://doi.org/10.1289/ehp.00108675
[29] https://doi.org/10.3390/ijerph15071557
[30] https://doi.org/10.1007/s00338-013-1055-8
[31] https://doi.org/10.1007/BF02804901
[32] https://doi.org/10.1002/prs.12210
[33] https://doi.org/10.1002/fam.2468
[34] https://doi.org/10.1002/prs.12210
[35] https://doi.org/10.1002/prs.12203
[37] https://bit.ly/48UXc1i
[38] https://news.un.org/ar/story/2024/01/1127557
[39] https://bit.ly/3X8wvyV
[40] https://bit.ly/3X8wvyV
[41] https://bit.ly/3X8wvyV
[42] الخبير الجيولوجي واستشاري تنمية الموارد الطبيعية الدكتور عبدالغني جغمان- تصريحات لمداد حضرموت
[43] الخبير الجيولوجي واستشاري تنمية الموارد الطبيعية الدكتور عبدالغني جغمان- تصريحات لمداد حضرموت
[45] https://2dec.net/news74878.html
[46] مواقع بيانات عن السفن
https://www.marinetraffic.com
[47] https://www.maritime-database.com
[48] https://container-news.com

سفينة ماجيك سيز (Magic Seas

اضف تعليقا